#آخر الأخبار

معهد الأمن القومي الاسرائيلي يوصي بتوجيه ضربة عسكرية لحماس

مركز الناطور – تل ابيب

اصدر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، تقريرا هاما دعى فيه لإعادة تقييم الموقف فيما يتعلق بـحركة “حماس” وتحييد استراتيجية “المقاومة المزدوجة” والتوضيح أنها ترى “حماس” بشقيها السياسي والعسكري ككيان واحد. ودعا التقرير إلى التعامل مع “أي نشاط عسكري في الضفة الغربية أو جنوب لبنان، بنفس الطريقة التي يتم التعامل بها مع النشاط في قطاع غزة، مع القاء المسؤولية على كاهل قيادة حماس في غزة التي لم تعد تحاول إخفاء تورطها في المناطق الأخرى.

ودعا  التقرير ، الذي اعده المحلل الاستراتيجي في المعهد كوبي ميخائيل، إسرائيل الى أن تأخذ زمام المبادرة، في الوقت الأكثر ملاءمة من الناحية الاستراتيجية وليس في الوقت الذي تفرضه “حماس”، وإلحاق أضرار جسيمة مستمرة بالبنية التحتية العسكرية للحركة، حتى لو أدى ذلك إلى توقف جهود التوصل لهدنة طويلة، معتبرا انه قد يكون تجنب هذا النوع من الإجراءات خيارا سيئا للغاية وأخطر بكثير من عدم وجود ترتيب.

وحذر التقرير من تبني “حماس” استراتيجية “المقاومة المزدوجة”، والتي تحاول من خلالها الحفاظ على الهدوء في قطاع غزة مع تعزيز البنية التحتية العسكرية في الضفة الغربية وجنوب لبنان لإدارة النشاط المعادي ضد إسرائيل.

واضاف : “منذ حرب مايو/أيار 2021، واصلت إسرائيل محاولاتها لتحقيق تسوية مع حماس من خلال الوساطة المصرية، وفي أكثر من مناسبة، تعهدت القيادة الإسرائيلية بأن الوضع القادم سيكون مختلفا عن الماضي، واصرت إسرائيل أن أي ترتيب في قطاع غزة يجب أن يشمل إعادة جثتي “أورون شاؤول” و”هادار جولدين” وإطلاق سراح الإسرائيليين الذين تحتجزهم “حماس”.

وحسب التقرير انه وبينما صدرت تصريحات اسرائيلية ضعيفة فيما يتعلق بضرورة وقف التعزيزات العسكرية لـ”حماس، وجدنا في المقابل اصرار حماس على الفصل بين ترتيبات إعادة الإعمار ومحادثات تبادل الأسرى، وأوضحت أنها لا تنوي مناقشة الجوانب المتعلقة بقدراتها العسكرية. ومنذ نهاية الحرب الأخيرة، بذلت “حماس” جهودا كبيرة في إصلاح ترساناتها العسكرية وبنيتها التحتية، فضلا عن تطوير الأسلحة بما في ذلك الأسلحة الثقيلة والصواريخ الدقيقة والطائرات بدون طيار والقدرات البحرية. ونقل عن قادة حماس تهديداتهم لإسرائيل، بشأن التصعيد ​​بحلول نهاية ديسمبر/كانون الأول، ما لم يكن هناك تقدم كبير نحو ترتيب ما وفق شروط حماس.

وتواصل حماس جهودها في الضفة الغربية ، وتتصرف بتحد واستفزاز تجاه السلطة الفلسطينية، فعلى الرغم من الحظر المفروض على رفع أعلام “حماس”، فقد كانت هناك عدة مواكب (مسيرات) لناشطي “حماس” المسلحين في جنين ومدن أخرى في الضفة الغربية، إلى جانب نشاط عنيف من قبل خلايا طلابية تابعة لـ”حماس” (الكُتلة الإسلامية) يرتدون زي الحركة، ويحملون أسلحة في حرم جامعتي بيرزيت والنجاح.

ومن الجدير بالذكر فان قرار حماس إطلاق صواريخ على القدس في 10 مايو/أيار 2021، كان بمثابة تحول في استراتيجية قادتها الذين قرروا العمل على تغيير قواعد اللعبة مع إسرائيل. وضعت هذه الاستراتيجية “حماس” كمدافع عن القدس والفلسطينيين في الأماكن المقدسة مما أحرج السلطة الفلسطينية وقوّض مكانتها واستقرارها. واقدمت “حماس” على هذه الخطوة لترسيخ نفسها كبديل لحركة فتح والسلطة الفلسطينية”.

وخلال الحرب الاخيرة وبينما ركزت حماس على الصواريخ باعتبارها الوسيلة الأنسب لوضعها كقائدة للنضال الفلسطيني في أذهان كل من الفلسطينيين والإسرائيليين، فقد ركّز الجيش الإسرائيلي على قدراته العملياتية والاستخباراتية، وصاغ إنجازاته بالإشارة إلى الأهداف العسكرية التي دمرت وعدد ضحايا حماس. إلا أن التغيير في استراتيجية حماس كان أوسع بكثير، فقيادة الحركة التي كانت حتى هذه المعركة تركز على شؤون غزة، ولم تُبد الكثير من الاهتمام بالضفة الغربية، قررت استخدام الضفة الغربية كرافعة لتعزيز أهدافها في غزة، وترسيخ مكانة قادتها في القطاع.

ووفق التقرير، تبنت قيادة حماس بما في ذلك المسؤول عن الضفة الغربية “صالح العاروري”، استراتيجية “المقاومة المزدوجة” ، والتي هي في جوهرها محاولة للحفاظ على الهدوء ​​في قطاع غزة، في الوقت الذي يجرى فيه تطوير بنية تحتية في الضفة الغربية للعمليات ضد إسرائيل في الضفة والقدس الشرقية وإسرائيل نفسها. ولم يقتصر الجهد العسكري على تجديد الذخائر وتطوير قدرات عسكرية إضافية في القطاع مع ترسيخ بنية تحتية قوية في الضفة الغربية، حيث تسعى الحركة، بمساعدة إيرانية وبالتنسيق مع حزب الله، على تطوير بنيتها التحتية العسكرية في جنوب لبنان، كما تعمل على إثارة الاضطرابات في القدس الشرقية وتعميق قنوات الاتصال مع فلسطيني 48.

وفي إطار استراتيجية “المقاومة المزدوجة”، يكمن هدف “حماس” في الاتفاق على ترتيب في قطاع غزة، يتضمن تخفيف الحصار للسماح بإعادة إعمار القطاع، وتحسين وضعه الإنساني مما يمّكن الحركة من تعزيز شرعيتها العامة والسياسية في القطاع وخارجه، وترسيخ مكانتها كقائد أكثر تصميما ونجاحا للنضال الوطني الفلسطيني من السلطة الفلسطينية أو “فتح”، وسيسمح هذا الترتيب أيضا لـ”حماس” بترسيخ البنية التحتية للجولة التالية من القتال مع الجيش الإسرائيلي.

واضاف التقرير أن حماس تطور قاعدتها العسكرية والسياسية في الضفة الغربية وخارجها، من أجل تكثيف العمليات ضد إسرائيل في الضفة وإسرائيل، وتقويض استقرار وشرعية السلطة الفلسطينية من خلال تصعيد الاحتكاك بين الجيش الإسرائيلي والسكان الفلسطينيين في الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية. ويؤكد على تزايد القدرات العسكرية لـ”حماس” في الضفة الغربية، بالزيادة الملحوظة في الاعتقالات من قبل قوات الأمن الإسرائيلية والعدد المتزايد من الخلايا المنظمة بشكل جيد والهجمات الكبيرة التي تم إحباطها، فضلا عن تزايد حوادث إلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف والطعن وعمليات الدهس.  

والدليل الآخر على تصميم حماس هو الضعف الذي تظهره الآليات الأمنية الفلسطينية ضد نشاط حماس، وفي بعض الحالات، تتجنب قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية مواجهة ناشطي حماس، حتى عندما تكون مسلحة وتعمل علانية ضد السلطة، مثل ما حصل في جنين على سبيل المثال أو في الحرم الجامعي، وفي حالات أخرى، تحقق القوات الأمنية نجاحا محدودا إلى حد ما وتتعرض لانتقادات عامة متزايدة؛ مما يعكس تآكل دعمها وشرعيتها.

وهكذا، فإن تعهد إسرائيل بأن “الوضع القادم سيكون مختلفا عن الماضي” قد تحقق بالفعل، ولكن ليس لصالح القيادة الإسرائيلية، فقد أصبح موقف حماس الاستراتيجي بعد جولة القتال الأخيرة أفضل من ذي قبل، واضطرت إسرائيل لتخفيف الحصار الأمني ​​المفروض على قطاع غزة، وبالإضافة إلى 10 آلاف تصريح عمل إسرائيلي ممنوح لعمال من القطاع، فإن الاستيراد والتصدير إلى غزة أصبح أسهل. كما خففت مصر بشكل كبير القيود المفروضة على معبر رفح الحدودي، بل وأطلقت عددًا من المشاريع لإعادة إعمار القطاع، مع دخول مواد البناء دون إشراف، وفق زعم المعهد، الذي قال إنه “لم تتحسن الظروف الإنسانية في غزة بعد الجولة الأخيرة من الأعمال العدائية فحسب، بل إن “حماس” أيضًا أقوى من الناحية السياسية، وفيما يتعلق بالبنى التحتية العسكرية خارج القطاع، بما في ذلك جنوب لبنان. 

ودعا المعهد إلى النظر إلى تهديدات حماس في غزة بجدية، لأنها تعكس بوضوح كيف يرى القادة الوضع، وكيف يرغبون في تعزيز أهدافهم الاستراتيجية. وبالنظر إلى اللعبة الصفرية بين “حماس” والسلطة الفلسطينية، فإن أي مكسب من جانب “حماس” هو خسارة للسلطة تخصم من شرعيتها في الضفة الغربية، ويؤدي إلى زيادة الاحتكاك بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين. وعلى رغم أن إسرائيل نجحت في استعادة الهدوء مع قطاع غزة بعد الحرب، لكن الثمن الضمني من الناحية الاستراتيجية أكبر مما تستطيع إسرائيل تحمله، فقد أصبحت حماس أكثر خطورة، خاصة في حال شن عملية على جبهة أخرى سواء مع حزب الله أو إيران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى